أتابع بمزيج من الأسى والألم والغضب مع غيري من المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ما يحدث في غزة الحبيبة من حصار وحشي بغيض لا إنساني لأهلنا من المدنيين والناس البسطاء ، الذين لم يرتكبوا جرماً سوى أنهم يحلمون بالسلام والأمان في وطن حر، ونبكي ونحن نرى ما يحدث معهم من عنصرية بغيضة أسوأ بكثير من تلك العنصرية التي وقف أمامها العالم أجمع وحاربها في جنوب أفريقيا، وسط صمت مخز لضمير العالم الذي يبدو أنه صار مستريحاً لكيله بمكيالين في كل ما يخص العرب والمسلمين.
إن ما يجمعنا في العالم هو الإنسانية ، وما يحدث الآن وفي هذه الأثناء في غزة انتهاك لكل معاني الإنسانية ، وإجهاض لأي أحلام مشروعة لشعب حر ، وقتل لفكرة التعايش ، وما لا يفهمه الباطل أن تصرفاته الغبية تزيد الحق قوة ورسوخاً وإصراراً ، ومن غباء الباطل أنه أدخل بسطاء الناس و أهالينا في غزة في هذا الصراع ، وما لا يفهمه الباطل، ولن يفهمه أبداً، أنه بذلك يدفع الحق للوقوف على قلب رجل واحد ، وهو ما يوضح للعالم أجمع أنهم تصرفوا بغرور الغبي ، وغباء المغرور ليوحدوا صفوفنا ، ويزيدوا الإيمان في قلوبنا وما لا يفهمه هؤلاء أن أيدينا التي امتدت بالسلام قد لا تقبل أبداً أن تواصل ما تفعله مع أياد تلطخ بدمائنا كل يوم ، وأن الأجيال التي تولد ترضع من الأمل أكثر مما ترضع من اليأس الذي يتوهمون أنه قد يدب في قلوبنا ، وهم لا يدركون بفهمهم القاصر أن ما يفعلوه ،وما يصرون على مواصلته ، هو بداية النهاية "وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً"..
زهوقاً بتصرفاته الحمقاء، و زهوقاً لأنه يجمع الحق في مواجهتهم والحق أقوى ولو كره الباطل.
وأود من خلال هذا البيان أن أوجه عدة رسائل أتمنى أن تصل قبل فوات الأوان :
الرسالة الأولى لأهلنا في غزة.. أشعر بكم .. أشعر بأمي في غزة ، وأشعر بأخي وأختي و أبنائي و إخواني في غزة ، أشعر بدموعكم تسيل على خدي ، وجراحكم تؤلمني ، وأشعر بالسجن الكبير الذي تعيشون فيه بسبب هذا الجدار الظالم
لكننا لن نبكي للأبد لأن رسالتي لكم لا تحمل ألماً بقدر ما تحمل أمل.
يا أهل غزة ويا شباب غزة املئوا قلوبكم بالأمل ، واعلموا أن هذه الممارسات هي بداية النهاية ، ولن أقول لكم أن الأمل سيظل موجوداً طالما هناك نهار وشمس تسطع على غزة فقط ، لكن أيضاً هناك أمل لأن الله موجود من قبل الباطل ومن بعده .
أرضعوا أطفالكم بالأمل ، وأخبروهم أن نهاية الباطل تقترب ، وأنه يقربها بنفسه يوماً بعد يوم، فصبراً أهل غزة ، إن النصر قريب.
الرسالة الثانية لشباب غزة .. الصمود والإصرار على الحق يا شباب.. اصمدوا ولا تيأسوا مهما كان الظلم ، وأثبتوا للباطل أنه سيظل غبياً لأنه لم يتعلم أبداً ، ولم يجد قراءة التاريخ..، وأذكركم بقول الشاعر:
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي .. بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة .. أو نزع إيماني ونور يقينـي
فالنور في قلبي، وقلبي في يدي .. ربي، وربي ناصري ومعيني
تالله ما الأمم تهزم بالأذى أبداً ..،وفي التاريخ بر يميني
أما الرسالة الأخيرة فإلينا كشعوب وحكام العالم العربي..أشعر بالخجل الشديد لأننا لم نصنع شيئاً لأهلنا في غزة ، فما يحدث مع أهلنا هناك لا يسكت عنه يا مسلمين ، ومع كل ما يمر بنا فالأمل الذي بأيدينا الآن كشعوب هو أن نصر أكثر على تحقيق حلم النهضة لبلادنا ، فهو المخلص لما نحن فيه
وأخيراً أطالب كل مسلم غيور بأن نلجأ جميعاً إلى الله ونتضرع إليه ، وأن نصوم جميعاً كمسلمين يوم الخميس القادم ونحن نتضرع إلى الله برفع الغمة عن أهل غزة وعن كل المستضعفين في الأرض ، وأن يعطينا القوة والنهضة في مواجهة الباطل.